تجاهل أساسيات تتلازم والانتخابات النيابية!
المجلس الدستوري وهيئة الإشراف على الانتخابات النيابية يشكلان ركيزة في نصوص قانون الانتخاب مع إختلاف دور كل منهما. ولا تزال هاتان الهيئتان مغيبتين عن مشهد التحضيرات للانتخابات النيابية او مصروف النظر عنهما. ففي آب الماضي انتهت ولاية أعضاء المجلس الدستوري. وقبل إنتهاء مدة ولاية المجلس الحالي بـ 60 يومًا ، قام رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب بواجباته، ودعا الى تقديم طلبات الترشح للعضوية،طبقًا للمادة 3 من قانون إنشاء هذا المجلس، لينتخب مجلس النواب اولًا خمسة أعضاء بالاكثرية المطلقة في الدورة الاولى، والاكثرية النسبية في الدورة الثانية، ثم يعين مجلس الوزراء خمسة أعضاء آخرين بأكثرية الثلثين من بين المرشحين، ليُشكل الأعضاء العشرة هيئة المجلس. وقد بلغ عدد المرشحين 61 مرشحًا من قضاة ومحامين وأساتذة التعليم العالي عند انتهاء المهلة في 24 حزيران الماضي. ولم تُستكمل آلية التعيين الى اليوم،انطلاقًا من مبدأ تداول السلطة مع عهد جديد وحكومة جديدة التي أقرت تعيينات عدة منذ تشكيلها. وكذلك مجلس النواب الذي أقر غير قانون، وابوابه مقفلة حاليًا امام الهيئة العامة بسبب الخلاف على إشتراك المغتربين في التصويت، ورغم غياب الظروف السابقة التي حالت دون استكمال هذه المسألة في حينه، وقبل هيئة المجلس الدستوري الحالية، إن بسبب وجود حكومة تصريف أعمال او لعدم انتخاب رئيس جمهورية وتعذر حلفهم اليمين القانونية. وفي المقابل ترك المشترع نصًا واضحًا في النظام الداخلي للدستوري بأن يستمر الاعضاء المنتهية ولايتهم في مهامهم.والحال ان المجلس الحالي يتابع القيام بمهامه قانونًا، لحين تعيين البدلاء.
والواقع ذاته ينطبق على هيئة الاشراف على الانتخابات التي تستمر بهيئتها الحالية، بحكم القانون أيضًا لمرتين على التوالي بعدما حال الخلاف السياسي دون تعيين هيئة جديدة قبيل الانتخابات النيابية عام 2022. وتضم هيئة الإشراف على الإنتخابات، التي تُعَيّن بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية والبلديات، ثلاثة قضاة متقاعدين يرشحهم مجلس القضاء الاعلى ومجلس شورى الدولة وديوان المحاسبة من بين ثلاثة اسماء يقترحهم كلًا منهم، ونقيبين سابقين للمحامين في بيروت وطرابلس يرشحهما مجلسي النقابتين، وفق الآلية ذاتها، وعضوين خبيرين في الاعلام والاعلان يُختاران من ستة اسماء يقترحهم المجلس الوطني للإعلام، وثلاثة اعضاء من ذوي الخبرة في شؤون الانتخابات.
إنقضت مهلة تعيين هذه الجهة الرقابية في تشرين الثاني الماضي، كون إنشاء هيئة الإشراف على الانتخابات،الذي يلحظه قانون الانتخابات النيابية، يتناول تعيين أعضائها قبل ستة أشهر من إجراء الانتخابات العامة المحددة في ايار المقبل. تبدأ ولايتهم من تاريخ صدور مرسوم تعيينهم، وتنتهي بعد ستة أشهر من تاريخ إتمام الانتخابات النيابية. بدوره اتاح القانون لهذه الهيئة،ان " تستمر بمتابعة مهامها لحين تعيين هيئة جديدة"، طبقًا للمادة 11 من القانون رقم 44/2017. وهي اليوم عرضة لمغادرة مقرها، إثر صدور قرار عن قاضية الامور المستعجلة الزمت بموجبه وزارة الداخلية بإخلاء المقر الذي كانت إستأجرته للهيئة، التي تعمل بإشرافها وبالتنسيق معها. ولم يخل المأجور رغم انتهاء مدة الإيجار ،ومطالبتها من المدعية تكرارًا بالإخلاء من دون أي تجاوب. وصدر هذا القرار بناء على شكوى مقدمة من المدعية في تموز 2023 خلال ولاية الحكومة السابقة بوجه وزارة الداخلية ممثلة بوزير الداخلية، المولج قانونًا بتأمين مقرّ مستقل للهيئة. وقد استؤجر هذا المقرّ بموجب عقد لسنة إنتهت اواخر عام 2020. وطالبتها المدعية اصولًا بوجوب الإخلاء، انما إستمرت بإشغاله، فضلًا عن التمنع عن تسديد بدلات الإيجار والخدمات، منذ تاريخ انتهاء مدة العقد حتى تاريخ تقديم الدعوى. والزمت القاضية الجهة المدّعى عليها تسليم المقرّ تحت طائلة دفع 85 مليون ليرة عن كل يوم تأخير، ودفع سلفة وقتية مقدارها 85 الف دولار. ووفق مصادر هيئة الإشراف على الانتخابات ان موازنة وزارة الداخلية في حينه كانت تلحظ قيمة بدل المأجور ولم يجر تأمينها. وعدا عن مشكلة المقرّ لا يوجد جهاز اداري لهذه الهيئة بعد توقف UNDP عن دفع بدل الرواتب لأفراده.