زيارة البابا: الاستياء الفاتيكاني متعدّد الوجوه

زيارة البابا: الاستياء الفاتيكاني متعدّد الوجوه

على ايقاع زيارة البابا ليون الرابع عشر الى لبنان، ثمة معطيات تتعلق بالزيارة نفسها واخرى تتعلق بالكنيسة المارونية.

بالنسبة الى الكنيسة المارونية، يتعاطى الفاتيكان في شكل واضح مع الزيارة على انها لا تشبه زيارة البابا يوحنا بولس الثاني الى لبنان. ومرة جديدة فالزيارة هي تتمة لزيارة تركيا لمناسبة ذكرى 1700 سنة على مجمع نيقيا، وهي ليست مخصصة للبنان الا من خلال توجيه رسالة الى مسيحيي الشرق، لان البابا لاسباب امنية ومعروفة لا يستطيع زيارة البلدان الاخرى حيث يوجد حضور مسيحي ومنها سوريا. وكذلك فان الاجتماع المخصص للبطاركة الكاثوليك له اهمية قصوى. فالزيارة تختلف بطبيعتها في التعاطي مع الكنيسة المارونية بصفتها الكنيسة الاولى والاكبر في لبنان، على انها حصرية لها. رغم ان البابا خصص محطة مارونية خاصة الى دير القديس شربل في عنايا التابع للرهبانية اللبنانية المارونية واخرى لراهبات الصليب، اضافة الى لقاء الشبيبة في بكركي. وهذا يعني اعطاء الاهمية للكنيسة المارونية ولكن من دون حفاوة بالغة، لان الاستياء الفاتيكاني لا يزال مضبوط الايقاع. فاللقاء الذي جمع البابا بالبطريرك مار بشارة بطرس الراعي في الفاتيكان على هامش تقديس الطوباوي المطران اغناطيوس مالويان، كان معبّرا بشكله غير الودّي عن العلاقة التي تردّت في السنوات الاخيرة بين الفاتيكان وبكركي. واستطرادا فان التساؤلات طرحت حول امكان ربط الزيارة بما تردد عن دفع الفاتيكان البطريرك الراعي الى الاستقالة من منصبه. المعلومات تؤكد ان اللقاءات الفاتيكانية مع كنيستي الارمن الكاثوليك والسريان الكاثوليك صبّت في اتجاه فتح باب الاستقالات، وهذا ما يؤشر الى طرح تساؤلات حول حدث مماثل في الكنيسة المارونية. لكن البابا ليس في وارد القيام باي خطوة من هذا النوع تجاه بكركي ولا سيما من لبنان. والراعي في الوقت الراهن، ورغم كل ما يُقال، لا نيّة مطلقة لديه بالاستقالة مهما كانت التلميحات الفاتيكانية وهي اصبحت كثيرة اخيرًا. لكن الاكيد ان البابا لن يكون بمعية الراعي كما كان حال سلفه مع البطريرك مارنصرالله بطرس صفير والذي احاطه بهالة من الاهتمام والصداقة والاحترام. وهذا تماما ما يشغل بال اوساط كنسية، من ان يكون الجفاء بين البابا والراعي مؤثرًا حتى في الشكل العلني، لان ذلك ينعكس على الكنيسة المارونية في شكل عام. علما ان البابا ليون يختلف باسلوبه عن البابا الراحل فرنسيس الذي كان اكثر حدّة في التعامل مع  الذين يعترض على ادائهم، وبدا ذلك واضحا في اكثر من مناسبة مع الراعي. وتاليا فان البابا الحالي امام استحقاق اول في مواجهة كنائس يريد منها ان تقدم مثالًا عن التغيير المطلوب في الاداء الخاص والعام، وهو ما طلبه من كنيستي السريان والارمن الكاثوليك.

اما بالنسبة الى الزيارة البابوية في حدّ ذاتها، ثمة استياء فاتيكاني من طريقة تعامل لبنان مع الزيارة منذ ان بدأت الاخبار تتداول حول تفاصيلها وبرنامج الزيارة قبل ان يُحدّد الفاتيكان رسميا ان الزيارة قائمة. والعرف البروتوكولي الفاتيكاني معمول به منذ سنوات طويلة، بالّا يعلن البلد المضيف اي تفاصيل قبل اعلان الفاتيكان نفسه رسميّا الزيارة وجدول اعمال البابا. الاستياء الفاتيكاني مستمر حتى الساعة بحسب اوساط فاتيكانية وكنسية لبنانية، نتيجة التخبط الحاصل، كما في الاجتماعات الكنسية التي تُعقد، ومحاولة وضع القصر الجمهوري وزوجة رئيس الجمهورية يدها عليها، حتى في الشق الكنسي منها. وقد تردد ان زوجة رئيس الجمهورية رغبت في حضور اجتماع كنسي بحت على مستوى عال، وان التنسيق بين اللجان ومنها لا علاقة له بزيارة البابا كرئيس دولة، بل بلقاءات روحية والتحضير للقداس الاحتفالي واللقاءات الموّسعة، شهد نقاشات حول دور بعبدا في الاشراف على تفاصيل كنسية.

 

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي