لبنان يستخّف بالتحذيرات الاميركية والاسرائيلية

لبنان يستخّف بالتحذيرات الاميركية والاسرائيلية

استهداف سيارة في الناقورة امس (الوكالة الوطنية)

لا مؤتمرات لدعم لبنان، لا مؤتمر لدعم الجيش، لا اموال مجانية تعطى سعوديًّا، ولا اموال اميركية الا لحصر السلاح بيد الدولة وحدها. الاستهدافات الاسرائيلية تطال يوميّا شمال الليطاني والبقاع، وترتفع وتيرتها في شكل تصاعدي. 

ومع ذلك ثمة سلطة في لبنان تتحدث عن تفهّم اميركي لخطاب الرئيس جوزف عون وللحكومة في عدم اتخاذ اي قرار حاسم في شأن خطة نزع السلاح. مع اضافة ان اركان السلطة استبقوا اي انذار اميركي او اسرائيلي، بطمأنة سائيلهم ان لا عاصفة مقبلة على لبنان نتيجة اتصالاتهم الدولية وتبلّغهم الحرص على استقرار لبنان !. 

حين تتحول الانظار من غزة الى لبنان، قبل اتفاق وقف النار وبعده، فهذا يعني انه في السنة الثالثة للحرب التي لم تنته في لبنان رغم وقف النار، فان ثمة ما يجب على لبنان ان يخشاه. فكيف اذا كانت الرسائل التحذيرية الاميركية اصبحت اكثر وضوحًا في الايام الاخيرة، والرسائل الاسرائيلية مستمرة بالنار وليس فقط عبر القنوات الاميركية.

ما يقال اميركيًّا بوضوح " لم يعد لبنان اولوية حاليًّا في ادارة الرئيس دونالد ترامب، هذا ليس بسبب رغبة واشنطن بل بسبب اداء السلطة في لبنان رئاسة وحكومة. وواشنطن غير معنيّة بهما، لانهما لم تكن هي التي اتت بهما. ومن اتى بهما فليعطِ لبنان الاولوية. واذا كان المقصود هنا السعودية فان الاخيرة باتت تتبرم من اداء الطرفين. لذا فشلت المساعي لعقد المؤتمرات الدولية التي جرى الحديث عنها فرنسيًّا. والسعودية لن تدفع اي مساعدة مالية في الوقت الراهن. والاميركيون يجددون اجابتهم للسائلين بان المساعدة العسكرية للجيش وخلافا لما يُحكى لبنانيّا محصورة فقط بما يجب توفره لحصر السلاح. اما اداء قيادة الجيش، فيجري الحديث عنها بسلبية كما الحديث عن الرئاسة والحكومة معًا". 

  وفي الاجوبة الاميركية كذلك " لا شأن لواشنطن بأي مفاوضات بين لبنان واسرائيل، لا مباشرة ولا غير مباشرة. تريدون حلّ المشكلة مع اسرائيل ووقف النار النهائي وحلّ المشكلات العالقة عن الاسرى واحتلال النقاط السبع وغيرها، اذهبوا الى التفاوض معها". ما يقال كذلك " اسرائيل لن تترك حزب الله ولن تسمح له باستعادة نفوذه ليس في جنوب الليطاني فحسب بل في شماله وفي اماكن وجود اي شكوك حول اعادة بناء قدراته العسكرية كما يحصل في البقاع. والتحذيرات في شأن الضغط الاسرائيلي ميدانيًّا، ليس من باب التهويل، فاسرائيل جادة في عزمها على عدم السماح ببناء قدرات حزب الله مجددا، اما كيف السبيل الى ذلك، فان لاسرائيل حساباتها العسكرية والميدانية".

ديبلوماسيّا، ما يمكن لواشنطن ان تقوم به، تعاطى معه لبنان عن طريق التخفيف من وقعه، والتقليل من اهميته. لذا سُحبت السفيرة الاميركية ليزا جونسون وتأخر وصول السفير الجديد ميشال عيسى، وبقي لبنان في عهدة الموفد الاميركي طوم برّاك والموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس. وهما لم يوفّرا جهدًا لايصال الموقف الاميركي على حقيقته. اما في الشهرين المقبلين فلبنان على موعد مع محاذير كثيرة. والتحدي الاكبر بالنسبة الى الاميركيين ان يتمكن من تجاوز قطوع الضغط الاسرائيلي الذي لن يتوقف في الامد القريب. وواشنطن لن تُقدم وفق حساباتها الراهنة على الضغط على اسرائيل لمنع انزلاق لبنان نحو اي فوضى. لان لبنان لا يزال يصرّ على تضييع الفرص التي تعطى له. في حين ان الاهتمام الاميركي ، ينصبّ على ساحات اخرى في منطقة الشرق الاوسط. وقد يكون اهتمام الموفدين انفسهم الشخصي هو الذي لا يزال يجعل لبنان ورقة من اوراق الادارة الاميركية. لكن السياسات الكبرى لا تتوقف عند الحسابات الشخصية حتى لو كانت اميركية.

اقرأ المزيد من كتابات هيام القصيفي